روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | أهمية التزكية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > أهمية التزكية


  أهمية التزكية
     عدد مرات المشاهدة: 2248        عدد مرات الإرسال: 0

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70].. {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، و{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134]، ثم أما بعد:

بادئ ذي بدء شكر الله لكم حسن استقبالكم لي، وأن مكنتموني من العودة إليكم مرة أخرى، وقديمًا قال الشاعر:

ومن عجب أني أحن إليهم *** وأسأل شوقًا عنهم وهم معي

وتبكيهم عيني وهم في سوادها *** ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي

موضوع اليوم موضوع هام متعلق بالدعوة التي تنتسب إلى السلف وترفع راية السلف، وكأنا نقول لكل المسلمين: هذه بضاعتنا ردت إلينا، ومن أولى بالتزكية ممن يقتفون أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم!

وعجبًا للناس يبكون على من مات جسده ولا يبكون على من مات قلبه، وهو أشد! وموت القلوب يكون بالبعد عن علَّام الغيوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي حسنه شيخنا الشيخ الألباني: «من أراد أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده».

وموضوع التزكية موضوع هام، ونحمد الله وله المنة والفضل من أن الذنوب لا تفوح رائحتها في دار الدنيا، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى علينا أن ستر علينا الذنوب، فلو فاحت لضجت المشام.

قال محمد بن واسع: لو كانت للذنوب رائحة؛ ما استطاع أحد أن يجالسني من نتن رائحتي، وهو من هو، هذا الذي كان يسمى بزين القرآن! فإذا ما مات الإنسان وكان صالحًا؛ فإنها تفوح منه رائحة كأحسن رائحة مسك على وجه الأرض، حتى تقول الملائكة: روح من هذه الطيبة؟

وإذا كان العبد قد دنس نفسه بالمعصية في دار الدنيا؛ فإنها تفوح منه كأنتن جيفة على وجه الأرض، فتتأذى منها الملائكة، حتى يقولون: روح من هذه الخبيثة؟ وفي أي جسد خبيث كانت؟

الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بالتزكية:

وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها».

وتزكية النفوس عمل شاق، والأمر كله بيد الله عز وجل، وبعد فضله ومنته، فتزكية النفوس بالله لا بالنفس، قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21].

وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي»، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم تزكية النفس إحدى الخصال الموجبة لذوق طعم الإيمان، فإن للإيمان ذوقًا وحلاوةً، كما أن له فرحًا، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

وقد قال أحد الزهاد: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من سعادة؛ لجالدونا عليها بالسيوف.

وقال الآخر: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها القلب طربًا، وأقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا العيش إنهم لفي عيش طيب.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما ذهبت فهي معي، إنما هي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إن قتلوني فقتلي شهادة، وإن نفوني عن بلدي فنفيي سياحة، وإن سجنوني فأنا في خلوة مع ربي، إن المحبوس من حبس عن ربه، وإن الأسير من أسره هواه.

الفلاح معلق بالتزكية:

ولقد أقسم الله تبارك وتعالى أحد عشر قسمًا متتاليًا- ما أتت إلا في موضع واحد من كتاب الله عز وجل على أن فلاح النفوس منوط بتزكيتها، فقال تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا*وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا*وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا*وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا*وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا*وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا*وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس1: 10].

وتزكية النفوس ملاك دعوة الرسل بعد التوحيد، فهذا موسى عليه السلام يقول لفرعون: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى*وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات18: 19].

وتزكية النفوس يا إخوتاه! سبب للفوز بالدرجات العلا والنعيم المقيم، قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا*جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} [طه75: 76].

التزكية ربع الرسالة:

إن تزكية النفوس مطلب عظيم من مطالب الرسالة، بل هي ربع الرسالة المحمدية، وهي وظيفة الأنبياء، قال الله تبارك وتعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151].

وقال الله عز وجل: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164].

وقال الله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

ولقد دعا خليل الرحمن إبراهيم لنبينا صلى الله عليه وسلم فقال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بمجموع طرقه كما رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد والحاكم والخرائطي في مكارم الأخلاق: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»، صححه الحافظ ابن عبد البر.

الكاتب: علي بن نايف الشحود.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.